الله في السماء ، والأمل في الأرض ، وبين روْح الله المؤاسي ، ومدد الرجاء الآسي تندمل الجفون القريحة ، وتلتئم القلوب الجريحة ، وتنتعش الجدود العاثرة .
الكروان يموت فرخه في المساء ،
وفي الصباح يرقص ويصدح ،
والشاة يذبح حملها في الحظيرة ،
وفي المروج تلهو وتمرح ،
والقلب يُقطع من القلب والرُّوح تُنزع من الروح ،
ثم يعيش المُحِبُّ بعد حبيبه ، والوالد بعد ولده ، كما يعيش النهر الناضب في ارتقاب الفيضان ، والروض الذابل في انتظار الربيع .
لله على الناس نعمتان لا يطيب بدونهما العيش ،
ولا يبلغ إلا عليهما العمر : النسيان والأمل
ماذا كان يصنع الأسى بالقلوب الوالهة إذا لم يمح النسيان من الذهن صورة الحبيب الراحل أو الهاجر ؟ تأمل حالك يوم فجعك الموت في عزيز عليك ، أما كنت تجد لهيب الحزن متصلاً يوقد صدرك من غير خُبُوَ ، ويذيب حشاك من غير هُدْنَةٍ ؟
تصور دوام هذه النار على نياط القلب وأعصاب الجسد ، ثم قَدَّر في نفسك الحياة على هذه الصورة ، على أنها والحمد لله لا تدوم ، فإن الجبار الذي سَلَّط الألم على الروح ، وهو الرؤوف الذي سلط الزمن على الألم ، فالزمن لا ينفك يسحب ذيول الأيام والليالي ، على الصور والآثار حتى تنطمس المشابه وتعفو الرسوم ، ولا يبقى من المفقود إلا صورة لا تنطق ، ولا من الجراح إلا ندبة لا تحس .
وماذا كان يفعل اليأس بالنفوس المكروبة إذا لم يفتح الأمل أمامها فرجة في الأفق المُطْبق ، وفسحة من الغد المجهول ؟
يا ويلتا للفقير يعتقد أن فقره يدوم بدوام الحياة ،
وللمريض يرى أن مرضه ينتهي بإنتهاء الأجل ،
ويا بؤسى للحياة إذا لم يقل المأزوم والمحروم والعاجز :
إذا كان في اليوم قنوط ، ففي الغد رجاء ، وإذا لم تكن لي الأرض فستكون لي الســـــــــــمـــااااااااء