كان هناك مدرّس مجتهد يُقدّر التعليم حق قدره،
يريد أنيختبر تلاميذُه اختبارهم الدوري عندما حان موعده؛
ولكنه أقدم على فكرة غريبةوجديدة لهذا الاختبار.
فهو لم يُجرِ اختباراً عادياً وتقليدياًبالطرق التحريرية المتعارف عليها،
ولا بالأساليب الشفهيةالمألوفة؛
فقد قال لطلبته :
إنه حضر ثلاثة نماذجللامتحان،
يناسب كل نموذج منها مستوى معيناً للطلبة.
النموذج الأول للطلاب المتميزين الذين يظنون فيأنفسهم
أنهم أصحاب مستوى رفيع، وهو عبارة عن أسئلةصعبة.
النموذج الثاني للطلاب متوسطيالمستوى الذي يعتقدون
أنهم غير قادرين إلا على حلّ الأسئلة العادية التي لاتطلب مقدرة
خاصة ، أو مذاكرة مكثّفة
النموذج الثالث يخصّ ضعاف المستوى ممن يرون أنهم
محدودي الذكاء،أو غير مستعدين للأسئلة الصعبة،
أو حتى العادية نتيجة إهمالهم وانشغالهم عنالدراسة.
وبعد أن تعجّب التلاميذ من أسلوب هذا الاختبار الفريدمن نوعه،
والذي لم يتعودوا عليه طوال مراحل دراستهم المختلفة
راح كلمنهم يختار ما يناسبه من ورقات الأسئلة ،
وتباينتالاختيارات.
- عدد محدود منهم اختارالنماذج التي تحتوي على الأسئلة الصعبة.
- وعدد أكبر منهم بقليل تناولالورقة الخاصة بالطالب العادي.
- وبقية الطلاب تسابقوا للحصول على الوريقاتالمصممة للطلاب الضعاف.
وقبل أن نعرف معاً ما حدث في هذاالاختبار العجيب أسألك :
تُرى أي نموذج كنت ستختار لو كنت أحد طلاب ذلكالفصل ؟
وبدأوا حل الاختبار ؛ ولكنهمكانوا في حيرة من أمرهم،
فبعض الطلاب الذين اختاروا الأسئلةالصعبة،
شعروا بأن الكثير من الأسئلة ليست بالصعوبة التي توقعوها !
أما الطلاب العاديين ؛
فقدرأوها بالفعل أسئلة عادية قادرين على حلّ أغلبها،
وتمنّوا من داخلهم لو أنهمطلبوا الأسئلة الأصعب؛
فربما نجحوا في حلها هيالأخرى
أما الصدمة الحقيقية؛
فكانت من نصيب أولئك الذين اختاروا الأسئلة الأسهل؛
فقد كانت هناكأسئلة لا يظنون أبداً أنها سهلة.
وقف المدرس يراقبهم،ويرصد ردود أفعالهم،
وبعد أن انتهى الوقت المحدد للاختبار،
جمعأوراقهم، ووضعها أمامه، وأخبرهم
بأنه سيُحصي درجاتهم أمامهم الآن .
دُهش التلاميذ من ذلك التصريح؛
فالوقت المتبقي منالحصة لا يكفي لتصحيح ثلاث
أو أربع ورقات؛ فما بالك بأوراق الفصل كله ؟ !
واشتدت دهشتهم وهم يرون معلّمهم ينظر إلى اسمالطالب
على الورقة وفئة الأسئلة هل هي للمستوى الأول أو الثاني
أوالثالث، ثم يكتب الدرجة التي يستحقها
ولم يفهم الطلبة ما يفعلالمعلم، وبقوا صامتين متعجبين،
ولم يطُل عجبهم؛
فسرعان ما انتهىالأستاذ من عمله، ثم التفت
إليهم ليخبرهم بعدد من المفاجآت غيرالمتوقع.
أفشى لهم الأستاذ أسرار ذلكالاختبار
- فأول سرّ أو مفاجأة، تمثّلت في أن نماذج هذا الاختبار كلهامتشابهة،
ولا يوجد اختلاف في الأسئلة.
- أما ثاني الأسرار أوالمفاجأت؛ فكانت في منح مَن اختاروا
الأوراق التي اعتقدوا أنها تحتوي علىأسئلة أصعب من
غيرها درجة الامتياز،
وأعطى من تناول ما ظنوا أنهاأسئلة عادية الدرجة المتوسطة،
أما من حصل على الأسئلة التيفكروا في كونها سهلة
وبسيطة فقد حصل على درجةضعيف
وبعد أن فَغَر أغلب الطلاب أفواههم دهشةواعتراضاً،
وعلى وجه الخصوص أصحاب الأسئلة العادية والسهلة،
راحوايتأملون كلام الأستاذ وتبيّن لهم مقصده.
وأكّد هذا المدرسهذا المقصد،
عندما أعلن لهم بأنه لم يظلم أحداً منهم؛
ولكنه أعطاهمما اختاروا هم لأنفسهم؛
فمن كان واثقاًفي نفسه وفي استذكاره طلب الأسئلة الصعبة؛
فاستحق العلاماتالنهائية.
ومن كان يشكّ فيإمكانياته ويعرف أنه لم يذاكر طويلاً؛
فقد اختار لنفسه الأسئلة العادية؛فحصل على العلامة المتوسطة.
أماالطلاب الضعاف المهملين الذين يرون في أنفسهم التشتت
نتيجة لهروبهم منالتركيز في المحاضرة أو الحصة،
ثم تجاهل مذاكرة الدروس؛
فهؤلاء فرحوابالأسئلة السهلة؛
فلم يستحقوا أكثر من درجة ضعيف.
وهكذاهي اختبارات الحياة
فكما تعلّم هؤلاء الطلبة درساً صعباً،
من هذاالاختبار العجيب،
عليك أنت أيضاً أن تعلم أن الحياة تُعطيكعلى قدر ما تستعد لها،
وترى في نفسك قدرات حقيقية علىالنجاح
وأن الآخرين - سواء أكانوا أساتذة أو رؤساء عمل
أوحتى أصدقاء ومعارف
لن يعطوك أبداً أكثر مما تعتقد أنك تستحق .
فإذا أردت أن تحصل على أعلى الدرجات في سباقالحياة ؛
فعليك أن تكون مستعداً لطلب أصعب الاختبارات دون
خوف أواهتزاز للثقة.
فهل أنت جاهز للاختباراتالصعبة،
أم أنك ستُفضّل أن تحصل على درجة ضعيف؟