أغـنـيـة
كنت راكباً في الباص من أيام ، فخطر على بال السائق الطرب ففتح الراد _ و وضع الراد في الحافلات عادة شنيعة لا أدري متى تبطل _ فإذا رجل يخرج صوتاً عجيباً ، لايشبه أصوات بني آدم ، صوت كأنه صوت مختنق يطلب النجدة ثم يمنعه الماء في فمه من أن يفصح أو يبين ، أو كأنه صوت امرأة أخذها الطلق ، أو كأنه صوت دجاجة علقت بها البيضة فلا تخرج ولا ترجع ، وسألت جاري مدهوشاً : ماهذا ..؟
قال : هذا فلان ( واحد من المغنين المشهورين ) يغني ويقول : آه .
فلم أصدق حتى جاء بأربعة شهود من ركاب الباص فشهدوا أن هذا الصوت الغريب هو غناء مغن يقول : آه .
ونظرت فإذا هذه ال( آه ) قد خرج ربعها فكان على لسانه ، وربعها علق في حلقه ، ونصفها أصابه الإمساك المزمن فبقي في جوفه فلا يخرج إلا بشربة زيت خروع .
فقلت : ولماذا لا يغني كما يغني الناس ؟
قالوا : هذا هو الفن الجديد .
قلت لعنة الله على هذا الفن الجديد .
مع الناس .. ص154